عاجل

رياضة - قرى الأطراف اللبنانية السورية.. من تجارة وازدهار إلى نزوح وتهريب وتسلل مسلحين - نايل 360

0 تعليق ارسل طباعة

تعاني القرى اللبنانية المتاخمة لحدود سوريا وضعا اجتماعيا واقتصاديا هشا، مايلقي بظلال حول تأمين الحدود المشتركة.

لا يُعير أحمد مرعي (60 عاما) أهميّة كبيرة للحديث عن ضبط الحدود السوريّة اللبنانيّة، والذي يعتبره «مجرّد كلام لا يُمكن تطبيقه» على الأرض، فالتصريحات التي يسمعها دائما عن منع مرور الأشخاص بين البلديْن «ليست بجديدة» وكان يسمعها من والديه قبل أكثر من 50 سنة.

مرعي، الذي ينحدر من منطقة وادي خالد شمال شرق لبنان، قال في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إحدى قرى منطقتنا تُدعى المعاجير، وهي موجودة ضمن الأراضي السوريّة لكن سكانها يحملون الجنسية اللبنانية.

وأوضح أن منطقة وادي خالد هذه تضمّ 22 قرية، منها أربع قرى مشتركة بين البلدين، وهي قُرى المجدل وقرحة وكنيسة وحنيدر، وقال «مثلنا منطقة عسال الورد في سوريا، التي يسكنها لبنانيون وسوريّون».

وبحسب مرعي، فإن «مُعظم سكان المنطقة أعمالهم مع الجهة السورية، نتيجة القرب الجغرافيّ للقرى، والبلدات التي بعضها امتداد لنا أكثر من مناطق لبنانية.. .فبعض البيوت قسم منها في لبنان والجهة الخلفية نحو سوريا».

ويشير الستيني إلى أن التبادل التجاريّ والتعليم والعلاج في المستشفيات كان في سوريا بسبب انخفاض التكلفة مقارنة معها في لبنان، مضيفا «حتى شبكات الاتصال عبر الهواتف المحمولة متّصلة بالشبكة السورية.».

لكنه يقول إن الحرب في سوريا فرضت على المنطقة التي يعيش فيها نزوحا كبيرا ليس له علاقة بالحالة الطبيعيّة بين البلدين «وازداد الأمر تعقيدا خلال سنوات المعارك العسكريّة، حين تحوّلنا إلى معبر للمسلحين من سوريا ونحوها».

ضبط الحدود

تمتد الحدود السورية اللبنانية لمسافة تصل إلى حواليّ 350 كيلومترا، من العريضة وصولا إلى وادي خالد بشمال لبنان، بينما الحدود الشرقيّة من الهرمل إلى جبل الشيخ.

وهناك شقّان مرتبطان بمسألة ضبط الحدود بين البلديْن، أولهما النازحون السوريون الذين يتدفقون عبر الحدود إلى الداخل اللبنانيّ وتعتبرهم أطرافٌ لبنانية سببا في أزمات اجتماعيّة واقتصادية بسبب ارتفاع عددهم، أما الشق الثاني فيتعلق بالمعابر غير الشرعية وطُرق تهريب البضائع والمواد الممنوعة والبشر.

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي قد ذكر خلال لقاء يوم الخميس الماضي مع الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس ورئيسة المفوضيّة الأوروبيّة أورسولا فون دير لاين أنّ عدد النازحين «بات يناهز ثلث عدد اللبنانيين».

وأشار ميقاتي إلى أنّ هذا العدد الكبير من النازحين تترتب عليه أعباء وتحديّات تُفاقم أزمة لبنان الاقتصادية والماليّة وتهالك بناه التحتيّة. وحدّدت مديريّة الأمن العام اللبناني سنة 2022 عدد النازحين السوريّين بحواليّ مليونين و80 ألف نازح.

وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبيّة خلال اللقاء تقديم الاتحاد الأوروبي حزمة مساعدات بقيمة مليار يورو إلى لبنان.

وبينما تشير التقديرات إلى وجود أكثر من 50 معبرا غير شرعي على طول الحدود بين لبنان وسوريا، فإن الجيش اللبناني يعمل عبر فوج الحدود البريّة على ضبط الحدود مع سوريا. ويضم ذلك الفوج نحو 1200 عنصر موزعين على 31 مركزا و10 أبراج مراقبة.

تهريب مستمر

وبحسب محمد ناظم، الذي يعمل سائق شاحنة لنقل البضائع بين لبنان وسوريا، فإن عمليّات التهريب لم تنقطع منذ استقلال البلدين وليست مرتبطة بالحرب الحالية في سوريا «لكن الذي اختلف هو نوعيّة البضائع، فكانت سابقا مواد غذائية وصناديق سجائر، وصارت محروقات ومخدّرات»

وقال ناظم في حوار أجرته معه وكالة أنباء العالم العربي «غرب العاصمة السورية دمشق، تقع منطقة الزبداني على حدود جبليّة مشتركة مع لبنان توجد فيها بلدة مضايا. قبل الأزمة السوريّة كان معظم سكّان دمشق يعتبرون هذه البلدة مقصدا لهم لشراء البضائع المهرّبة، مثل المواد الغذائيّة والملابس والأحذية».

أضاف «أثناء عبوري نحو سوريا على الطريق الدولي، أُشاهد بشكلٍ واضحٍ بعد تجاوز الحدود السورية باعة يفترشون الأرض لبيع الزيوت والمحروقات وقوارير الغاز بشكل علنيّ، وهذه المواد تأتي من لبنان».

وأوضح ناظم أن عمليّات التهريب عبر المناطق الجبليّة تختلف وسيلتها وطبيعتها بحسب التضاريس، وقال «حين يكون الهدف تهريب المازوت، فهم بحاجة لسيّارات شحن تستطيع حمل الخزّانات، فيكون طريقها من الطفيل اللبنانيّة إلى عسال الورد السورية».

وتابع «إن كانت المنطقة غير مؤهّلة لمرور السيارات، فيتمّ الاستعانة بحيوانات مثل الحمير، كما يحدث عند التهريب عبر النهر الكبير الجنوبي من عكار باتجاه منطقة تلكلخ السوريّة».

أسباب لا علاقة لها بالحرب

أستاذ القانون الدولي غسان مرعب أشار بدوره إلى صعوبة تنقل سكاّن المناطق الحدودية نحو المدن الرئيسة في لبنان للوصول إلى الجامعات والشركات والمؤسسات الرسميّة، وذلك بسبب ارتفاع التكلفة وطول المسافات، ويرى أنّ هذا أحد أسباب انتشار التهريب في المناطق الحدوديّة.

وقال مرعب في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إن «الإهمال من قبل الدولة، أعطى ذريعة لمجموعات التهريب لتنشط بين الشباب ويتحوّل التهريب إلى مصدر رزق لهم. وقد نشطت (هذه المجموعات) خلال السنوات السابقة مع ارتفاع وتيرة تهريب المواد المخدّرة والمحروقات، التي كانت نادرا ما يتم التعامل بها».

أضاف «هذه المجموعات تعمل بتغطية سياسيّة أو أمنيّة من جهات معيّنة، إضافة إلى انتمائها لبضع عشائر عربيّة تعتبر بمثابة السلطة الأعلى في تلك المناطق وكلمتها مسموعة أكثر من الجهات الحكوميّة، فأصبحت بعض القرى أشبه بجزر لإيواء المطلوبين للعدالة».

ويرى الباحث القانوني أنّ مسألة ضبط الحدود مرتبطة أيضا بالقرار السياسي والأوضاع الإقليمية، حيث يشير إلى أنّ هذه الحدود كانت تضمّ معسكرات لتدريب المسلّحين الفلسطينيّين في السبعينيات، وقال «حتّى حزب العمال الكردستاني كانت له معسكرات تدريب.. دون أن ننسى أنّ المنطقة هي معبر تسليح حزب الله».

بالإضافة إلى ذاك، يُشير مرعب إلى سبب آخر أفرز هذا الوضع على الحدود اللبنانيّة السوريّة، وهو أنه «لا تُوجد إشارات واضحة تدلّ على الحدود الفاصلة بين البلدين، وهناك أيضا مناطق نزاع إداري، مثل قرى في وادي خالد وحدودية إدارية في منطقة القاع، وهو ملف يحتاج إلى إعادة ترسيم وتوضيح النقاط الحدوديّة بين سوريا ولبنان».

وكان الرئيس السوري بشّار الأسد قد اتفق مع الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان في عام 2010 على إحالة ملفّ الحدود البريّة والبحريّة المشتركة إلى لجان لدراستها واستكمال جمع المعلومات، تمهيدا لعمليّة تحديد وترسيم هذه الحدود.ولكن نتيجة تداعيات الحرب في سوريا لم يُستكمل العمل في الملف.

ويرى مرعب أنّ مسألة المعابر غير الشرعيّة والحدود المشتركة بين لبنان وسوريا حلّها ليس من مسؤوليّة الجهات الأمنية فقط.

وقال إنّ «مسألة المناطق الحدوديّة تتعلّق بضعف إدارة الدولة اللبنانيّة والاهتمام بها تنمويّا واقتصاديّا، فكانت (تلك المناطق) لعقود طويلة مُهمَلة من قبل معظم الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال عام 1948».

وتابع «بمقارنة بسيطة بين مناطق جبل لبنان وبيروت وقرى عكار والبقاع الحدودية، سنجد الفارق بالعمران والخدمات الأساسيّة، فسكّان مناطق عكار كانوا يتوجّهون بطريقة شرعيّة من المعبر للعلاج في مستشفيات حمص وطرطوس بسوريا».

أضاف «للقرى الحدوديّة عائلات مشتركة لبنانية وسوريّة، بالزواج والمصاهرة، حتى يُصبح الأفراد مزدوجي الجنسيةّ ويمكنهم التنقل والعمل في الطرفين».

القرى الحدودية والحرب السوريّة

في كلمة له عام 2013، قال الأمين العام لجماعة حزب الله اللبنانيّة حسن نصر الله إنّ هناك «أكثر من 23 قرية حدوديّة سوريّة و12 مزرعة يسكنها حوالي 30 ألف لبنانيّ، ينتمي بعضهم إلى أحزاب لبنانيّة منذ عشرات السنين، ومنهم شباب في حزب الله.. .مع أنهم يسكنون هذه البلدات داخل الأراضي السورية».

وتشير الباحثة الاجتماعيّة رزان مارون إلى أنّ البلدات المنتشرة على الحدود اللبنانيّة لم تصلها الحرب الأهليّة بين عامي 1975 و1990 كغيرها، لكنها ترى أنّ هذه البلدات تأثّرت بشكل مباشر بالحرب في سوريا.

وقالت في حديث لوكالة أنباء العالم العربي «انقسمت بعض المناطق بحسب موقفها من النظام السوري، فمنها من استقبل النازحين ووصل إلى حدّ التعاون مع المجموعات المسلّحة، مثل عرسال شرقي لبنان، أو من يؤيّد الرئيس (السوري بشّار) الأسد وحزب الله، مثل بلدة الطفيل».

أضافت «تحوّلت هذه القرى، نتيجة لزيادة عمليّات التهريب وعبور النازحين، من مناطق مهمّشة إلى محور المشكلة وأساس الحل».

وتابعت «خلال العقود الماضية، كانت الهجرة من الريف إلى المدينة هي الحالة السائدة نتيجة لتوافر فرص العمل والدراسة في المراكز الحضريّة، ولكن الحالة تبدّلت مع الأزمة الاقتصادية عام 2019، حيث بدأت تُسجّل عودة عكسية كون المعيشة في القرى أقلّ تكلفة».

وترى مارون أنّ القرى الحدوديّة كانت تشكّل دورة اقتصادية متكاملة مع سوريا، عبر المزارعين والعمال وتبادل البضائع، سواء من المعابر الرسميّة أو غير الشرعيّة «التي لم يكن الاعتماد عليها كبيرا».

غير أنها قالت إنه «نتيجة للحرب في سوريا وتحول المناطق الحدوديّة على مدار أكثر من عشر سنوات إلى خطوط اشتباك مسلّح، فقد سكان القرى القدرة على الحركة الطبيعية، وظهرت مجموعات مسلّحة أو سُلطة أمر واقع استغلّت تلك المرحلة وسيطرت على المعابر غير الشرعيّة، بالتنسيق مع جهات سوريّة، فأصبح شريان الحياة يمرّ عبرهم».

الجيش والحدود

ويشير العميد متقاعد في الجيش اللبناني محمد خالد إلى أنّ عمليات التهريب قبل الحرب في سوريا كانت تقتصر على البضائع عن طريق الأفراد، لكنه قال إن التهريب أصبح في السنوات التي تلت عام 2011 يشمل عائلات كاملة بنسائها وأطفالها.

أضاف في حديث للوكالة «الوحدات العسكريّة تراقب الحدود بشكل مستمر، ولكن طبيعة الأرض وتضاريسها الجبليّة الصعبة يجعلان من الصعب متابعتها بالاستعانة بالعنصر البشري، فيتم الاستعانة بأجهزة استشعار وكاميرات مراقبة يصل مداها إلى حوالي 10 كيلومترات».

وأوضح أنّ من بين المعابر غير الشرعية في شمال لبنان معبر الواويات وحنيدر وعطية السعيد، بينما في الشرق هناك معبرّ فليطا وبركة الرصاص، والتي قال إنّها «يديرها أفراد هم جزء من عصابات سطو وتهريب مخدرات وتجارة بشر بين لبنان وسوريا».

وبحسب خالد، فإنّ هؤلاء المهربين يملكون السلاح، حيث وقعت مواجهات عديدة مع الجيش اللبناني واشتباكات مع حرس الحدود من الجهة السوريّة.

ويرى العميد المتقاعد في الجيش اللبناني أنّ «أساس الحلّ العسكريّ يبدأ من التواصل السياسيّ بين لبنان وسوريا، وأن يتم ضبط بعض الأجهزة الأمنيّة التي تسهّل عمليّات التهريب من الجهتين».

اقرأ أيضا: الرعب يستولي على الفاشر السودانية مع اشتداد القتال

إيران تهدد بتغيير عقيدتها النووية.. هل يدخل الخليج في سباق نووي؟

قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار الرياضية فى هذا المقال : رياضة - قرى الأطراف اللبنانية السورية.. من تجارة وازدهار إلى نزوح وتهريب وتسلل مسلحين - نايل 360, اليوم الخميس 9 مايو 2024 12:37 مساءً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق