تصعيد غير مسبوق وتكتيكات جديدة... هل فشلت "الوساطات" لبنانيًا؟! - نايل 360

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تصعيد غير مسبوق وتكتيكات جديدة... هل فشلت "الوساطات" لبنانيًا؟! - نايل 360, اليوم السبت 11 مايو 2024 04:12 صباحاً

كثيرة هي المفارقات التي تسجَّل بصورة يومية على خطّ الحرب الإسرائيلية على غزة، وتلك الموازية لها في جنوب لبنان، حيث "جبهة الإسناد" التي فتحها "حزب الله" منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، مفارقات تجعل السباق بين العمليتين الدبلوماسية والعسكرية "تفصيلاً" في سياق ما يُحضَّر من ترتيبات لما بات يوصَف بـ"اليوم التالي"، وذلك بمُعزَلٍ على ما يبدو عن نتائج الحرب، وبغضّ النظر عمّا تحقّق ميدانيًا على الأرض حتّى الآن.

من هذه المفارقات مثلاً، ما شهدته غزة هذا الأسبوع، فبالتوازي مع الحديث الذي قد يكون الأوّل من نوعه عن "تقدّم" على مستوى المفاوضات القائمة، خصوصًا مع إعلان حركة حماس موافقتها على طرح مصري قطري لوقف إطلاق النار، اختارت إسرائيل أن تطلق عمليتها العسكرية "الموعودة" في رفح، ولو عدّتها "محدودة"، مقارنة مع خطط "الاجتياح" المُعلَنة والمُضمَرة، ما فُسّر في بعض الأوساط "ضغطًا" في السياسة.

وإذا كانت إسرائيل مضت إلى الأمام في رفح، قافزة بذلك فوق التحذيرات الدولية من تداعيات "كارثية" على المستوى الإنساني لمثل هذا الهجوم، الذي قد يسرّع في سيناريو "المجاعة الشاملة" في غزة، فإنّ الوضع على "جبهة لبنان" لم يكن أفضل حالاً، حيث شهدت بدورها خلال الأيام القليلة الماضية جولة من التصعيد وُصِفت بـ"غير المسبوقة"، وذلك بالتوازي أيضًا مع الاتصالات السياسية، التي بلغت ذروتها مع ما عُرِفت بـ"الورقة الفرنسية".

ولعلّ ما يلفت في جولة التصعيد المستجّدة، التي جاءت متزامنة مع الحديث عن "سقوط" الورقة الفرنسية، بفعل الملاحظات اللبنانية التي "تنسفها من أساسها"، ولو بطريقة "ملطّفة"، أنّها شهدت أيضًا على تغيير في "التكتيكات"، خصوصًا من جانب "حزب الله"، الذي اعتمد على ما يبدو أسلوبًا "هجوميًا مكثَّفًا"، فكيف يمكن تفسير هذا الأمر؟ وهل يعني أنّ الوساطات قد فشلت، خصوصًا أنّ هناك انطباعًا سائدًا لدى البعض بأنّ لبنان سيكون "التالي" بعد "رفح"؟!.

في المبدأ، يؤكد العارفون أن أيّ تقدّم "حقيقي وجدّي" يمكن البناء عليه، لم يحصل على خطّ الوساطات المرتبطة بالوضع اللبناني، بخلاف كلّ ما تمّ الترويج له في الأيام الأخيرة، بل إنّ الوساطات لا تزال "عالقة" في الدوامة نفسها، بعدما فشلت في "تثبيت" فرضيّة الفصل بين جبهتي لبنان وغزة، علمًا أنّ المعطيات المتوافرة تتحدّث عن "تجميد" لهذه الوساطات، بانتظار نضوج صورة المفاوضات المستمرّة حول وقف إطلاق النار في غزة.

بحسب هؤلاء، فإنّ ذلك يسري على الوساطة الأميركية القديمة الجديدة التي يقودها المبعوث الرئاسي آموس هوكشتاين، والتي تبدو بحكم "المجمّدة" حتى إشعار آخر، لكنه يسري أيضًا على الجهود الفرنسية الأخيرة، والتي قيل إنّها كانت "منسَّقة" مع الجانب الأميركي، لتصطدم على ما يبدو بالعوائق نفسها، وهو ما يتجلّى خصوصًا بإصرار "حزب الله" على "ترابط الجبهات"، حتى إنّه اعتبر الورقة الفرنسية "بلا قيمة" من الأساس، وفق بعض الأوساط.

وإذا كان رئيس مجلس النواب نبيه بري حرص على تضمين "الملاحظات اللبنانية" على الورقة الفرنسية، "ثناءً" على جهود باريس لاحتواء التصعيد القائم في الجنوب، ومنع الانزلاق إلى حرب شاملة مدمّرة، فإنّ هذه الملاحظات وفق العارفين كافية لنسف الخطة، ولا سيما أنّ "التحفّظ" الأساسي عليها يكمن في ما تتضمّنه من "شروط" لا يمكن لـ"حزب الله" أن يقبلها، مهما تمّ "تجميلها"، في ما يتعلق بالتراجع والانسحاب من المنطقة الحدودية.

وفقًا لمنطق "حزب الله"، كما يقول العارفون بأدبيّاته، فإنّ مثل هذه "الشروط" يمكن أن تكون "مفهومة" لو أنّ إسرائيل حقّقت "انتصارًا" في الميدان، وهو ما لم يحصل لا في غزة ولا في الجنوب، وبالتالي فمن غير الجائز منحها "هدايا مجانية" لم تستطع الحصول عليها على الأرض، وهو ما يترك بالتالي كلّ الاحتمالات مفتوحة على خط الجبهة، في ظلّ تواصل التهديدات الإسرائيلية بالتصعيد، وصولاً إلى الحديث عن "صيف ساخن" على الجبهة الشمالية.

عمومًا، يقول العارفون إنّ التصعيد الذي شهدته الجبهة اللبنانية على مدى الأيام القليلة الماضية "منفصل بالكامل" عن مسار المفاوضات بكلّ تعقيداتها، وهو "مرتبط" ارتباطًا مباشرًا بالهجوم العسكري في رفح، انطلاقًا من بعدَين أساسيَّين، أولهما سعي "حزب الله" لتفعيل دور "الإسناد" الذي تلعبه الجبهة اللبنانية، وثانيهما شعور يتعاظم لدى كثيرين بأنّ الحزب سيكون فعلاً "التالي" على بنك الأهداف الإسرائيلية، بعد الانتهاء من رفح، في حال عدم الوصول لاتفاق.

فحتى لو صحّ أنّ جولة التصعيد الأخيرة بدأت قبل انطلاق الهجوم على رفح، وتحديدًا مع مجزرة ميس الجبل التي أودت بحياة أربعة مدنيين من عائلة واحدة، فإنّ الصحيح أيضًا أنّ الهجوم على رفح لعب دورًا جوهريًا في إطالة أمد "التصعيد"، وصولاً إلى تبدّل "التكتيكات" على خطّها، مع انتقال "حزب الله" كما ذكرت بعض الأوساط الصحفية، إلى استراتيجية "الضغوط القصوى"، بعد اعتماده "ضبط النفس" في المراحل السابقة من الحرب.

في هذا السياق، يقول العارفون إنّ "حزب الله" يتعاطى مع هذه المرحلة من الحرب على أنّها "الأخيرة" بصورة أو بأخرى، وبالتالي فهو يسعى من خلالها إلى تثبيت "رسائل الردع" لمنع الإسرائيلي من تنفيذ مخطّطه بالانجرار إلى حرب، ستكون أكثر من "مكلفة" بالنسبة إليه، وهو لذلك يعمد بتكتيكاته الجديدة إلى إلحاق "خسائر موجعة" بالجانب الإسرائيلي، الذي اعترف في الأيام الماضية في سقوط قتلى له في أكثر من عملية للحزب.

وفي السياق نفسه، فإنّ جولة التصعيد الأخيرة لا تبدو "معزولة" عن الهجوم على رفح، إذ إنّ "حزب الله" يريد أن يؤكد مرّة أخرى أنّه يرفض السماح بـ"استفراد" رفح، تطبيقًا لفلسفة "جبهة الإسناد"، التي يقوم عليها رفضه لإقفال "جبهة لبنان" قبل الاتفاق على وقف إطلاق النار، رغم كلّ المطالب والضغوط الداخلية والخارجية، ولو أنّ هناك من يعتقد أنّ "جدوى" هذا الدور لم تثبت على امتداد أشهر العدوان، الحافلة بالمجازر والانتهاكات.

في النتيجة، يبدو أنّ "الجبهة اللبنانية" ستبقى مفتوحة على كلّ السيناريوهات والاحتمالات في الأيام المقبلة، في ضوء "تجميد" الوساطات الغربية، ربما إلى ما بعد انتهاء العمليات في غزة ورفح، على وقع تصاعد التهديدات الإسرائيلية بـ"صيف ساخن"، تهديدات ينقسم اللبنانيون بين من يضعها في خانة "الضغط النفسي"، ومن يخشى في المقابل أن تشكّل تكتيكات "حزب الله" المتغيّرة، "خريطة الطريق" الأمثل باتجاهها!.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق