عاجل

سجال "الهبة" أو "الرشوة" يفجّر الانقسامات... هل يحسم البرلمان الجدل؟ - نايل 360

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سجال "الهبة" أو "الرشوة" يفجّر الانقسامات... هل يحسم البرلمان الجدل؟ - نايل 360, اليوم الخميس 9 مايو 2024 03:18 صباحاً

منذ انتهاء زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، والرئيس القبرصي نيكوس خريستو دوليدس إلى بيروت الأسبوع الماضي، شهدت الساحة الداخلية ما يشبه "الانقلاب في الأولويات"، حيث قفز ملف النازحين السوريين إلى صدارة الاهتمام مجدّدًا، في ضوء ما سُمّيت بـ"هبة المليار يورو"، التي لم يتردّد الكثيرون في توصيفها على أنّها "رشوة أوروبيّة" للبنان، من أجل إبقاء النازحين على أرضه، لأربع سنوات أخرى على الأقلّ.

فجّر هذا الملف الانقسامات الداخليّة، وفُتِحت السجالات "الدونكيشوتية" على خطّه، ليتحوّل سريعًا إلى "الشغل الشاغل" للبنانيين، وهو الذي شغلهم عن سائر الملفات والاستحقاقات، من رئاسة الجمهورية المنسيّة أصلاً، والتي لا يبدو أحد مستعجلاً عليها، إلى تطورات الحرب في الجنوب، على الرغم من أنّ الجبهة شهدت في الأيام الماضية تصعيدًا بالتوازي مع العملية العسكرية في رفح، مرورًا بالجرائم المتنقّلة التي قرعت ناقوس الخطر.

لكنّ الهبة، أو ربما "الرشوة الأوروبية" تفوّقت على كلّ هذه الملفّات، بالنظر ربما إلى "حساسيّة" الموضوع المتعلّق بها، وهو موضوع النازحين السوريين الذي يكاد يصبح "مزمنًا"، ولا سيما أنّ لبنان يبدو "متروكًا" لمواجهة هذا الملفّ بمفرده، من دون دعم حقيقي وجدّي من المجتمع الدولي، لا يمكن أن تختزله "هبة" يقول المعنيّون إنّها لا تُعَدّ سوى "غيض من فيض" الكلفة الباهظة التي يتحمّلها لبنان منذ اندلاع الثورة السوريّة التي تحوّلت إلى حرب عام 2011.

وإذا كان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي حاول رمي الكرة إلى "ملعب" المجلس النيابي، وهو الذي تعرّض لحملات مباشرة بعدما سارع المحسوبون عليه إلى اعتبار الهبة "إنجازًا" لحكومته، فإنّ علامات استفهام تُطرَح عن المسار الذي يمكن أن تتّخذه الأمور، إذا ما عقدت الجلسة الموعودة التي حدّد رئيس البرلمان موعدها في منتصف الشهر الجاري، فهل تنجح في "حسم الجدل"، أم تتحوّل إلى مجرّد "استعراض شعبوي" آخر؟!.

بالعودة إلى "أصل" السجال، يقول العارفون إنّه كان من الطبيعي أن تثير "هبة المليار يورو" حساسيّة الكثير من اللبنانيين، ممّن يعتبرون أنّ المطلوب من المجتمع الدولي أن يقف بجانب لبنان للتوصّل إلى "حل حقيقي" لأزمات النزوح المتراكمة، وليس دفع "فتات الأموال" مقابل "ضمان" بقاء النازحين على أرضه، وبالتالي عدم قرعهم أبواب أوروبا بأيّ حال من الأحوال، ولا سيما أنّ "الغموض غير البنّاء" أحاط بهذه الهبة على أكثر من مستوى.

فعلى الرغم من أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال جزم بأنّ الهبة الأوروبية "غير مشروطة"، قبل أن يطلب من رئيس مجلس النواب الدعوة لجلسة مناقشة عامة لوقف ما وصفه بـ"الاستغلال السياسي الرخيص"، فإنّ العارفون يطرحون العديد من علامات الاستفهام عن طبيعة هذه الهبة، خصوصًا أنّها تبدو مُستغرَبة في السياق العام، ولا سيّما أنّ المجتمع الدولي يرفض منذ سنوات تقديم ايّ مساعدات للبنان، على الأقلّ قبل تنفيذ ورشة من الإصلاحات التي لم تحصل بعد.

من هنا، يسأل البعض عن الأسباب التي يمكن أن تدفع هذا المجتمع الدولي نفسه إلى "غضّ النظر" عن هذه الشروط، للإفراج عن "هبة" جديدة، في وقت يفترض أنّه يمارس كلّ "الضغوط" على لبنان للمضيّ بالإصلاحات، وهو ما يتطلّب أولاً انتخاب رئيس للجمهورية، يقول المجتمع الدولي إنه أكثر من أساسي وجوهري في هذه المرحلة، تمهيدًا لتشكيل حكومة أصيلة وفاعلة، تكون قادرة على إطلاق ورشة الإصلاحات الموعودة.

لكلّ هذه الأسباب، قد يكون "التشكيك" بالنوايا "المضمرة" خلف الهبة الأوروبية المزعومة، مفهومًا بالنسبة للعارفين، ولو أنّ هناك من يعتبر هذه الأموال "حقًا مشروعًا للبنان، الذي تحمّل على خط ملف النزوح ما لم تتحمّله أيّ دولة في العالم. إلا أنّ المشكلة التي برزت هنا على جري العادة، تمثّلت في "المزايدات الشعبويّة"، التي لم يعد مهمًا معها البحث عن حلّ حقيقي بقدر ما هو "تسجيل النقاط"، في سياق "مبارزة" قد لا تكون متكافئة.

انطلاقًا من ذلك، لا تبدو جلسة المناقشة العامة "الموعودة" الأسبوع المقبل حول الهبة الأوروبية، وملف النازحين ضمنًا، "واعدة" على مستوى المعالجة الفعليّة للقضية، إذ يرجّح المتابعون أن تشكّل "فرصة" لمختلف الأفرقاء لتحقيق بعض المكاسب "الشعبويّة"، وسط "ضبابية" حول ما يمكن أن تنتهي إليه على شكل خطوات "عمليّة"، أو بالحدّ الأدنى "توصية" يمكن أن تقدَّم للحكومة، لجهة قبول الهبة الأوروبيّة أو رفضها.

يتعزّز هذا الانطباع، مع الملامح الأوليّة للجلسة التي لا يبدو أنّ نصابها سيكون "موضع أخذ وردّ"، في ظلّ "الحماسة" التي يبديها مختلف الأفرقاء للمشاركة فيها، بمن فيهم أولئك الذين يعتبرون أنّ مجلس النواب "هيئة ناخبة حصرًا"، ما يعني أنّه لا يجوز أن يقوم بأيّ عمل قبل انتخاب رئيس للجمهورية، ولو أنّ بعض هؤلاء وجدوا مبرّرًا "دستوريًا" للأمر، باعتبار أنّ ما يسري على جلسات التشريع، لا ينطبق على جلسات المناقشة والمحاسبة.

استنادًا إلى ما تقدّم، يرجّح العارفون أن تكون لائحة "طالبي الكلام" في الجلسة المنتظرة "مفتوحة"، خصوصًا أنّ مثل هذه الجلسات تكون في العادة منقولة على الهواء مباشرة، بخلاف الجلسات التشريعية، ما يعني أنّ النواب سيسعون لاستعراض "قدراتهم الخطابيّة" فيها، وبالتالي سيعمدون إلى "رفع السقف" إلى الحدّ الأقصى المُتاح، من دون أن يقدّموا بالضرورة "حلولاً عمليّة" لمعالجة المشكلة التي يصحّ وصفها بـ"المزمنة".

أما الحكومة المنقسمة على نفسها أصلاً، فسيعمد رئيسها إلى "الدفاع" عن موقفه، في وجه كلّ الحملات، انطلاقًا من قاعدة أنّه بدلاً من "التنظير" على هبة لا دليل واحدًا على أنّها "مشروطة"، فإنّ المطلوب من مجلس النواب قبل غيره، بلورة موقف لبناني موحّد، يمكن الخروج به إلى المجتمع الدولي، علمًا أنّ استحقاقًا قريبًا يمكن أن يشكّل "فرصة" بهذا المعنى للبنان، وهو مؤتمر بروكسل حول سوريا في السابع والعشرين من الشهر الجاري.

في النتيجة، قد لا يكون "المأمول" من جلسة المناقشة العامة حول الهبة الأوروبية كبيرًا، بعيدًا عن احتمال تحوّلها إلى "حفلة مزايدات"، لا يُعرَف إلى أين يمكن أن تفضي. لكنّ الثابت وفق ما يقول العارفون، أنّ المطلوب مقاربة "جدّية ومسؤولة" للملف، توازي "الثقل" الذي يمثّله على أكثر من صعيد، مقاربة تنطلق من موقف لبناني قوي وموحّد، يمكن أن يكون "مؤثّرًا" على مستوى المجتمع الدولي، العالق في دوامة "مصالح" تبدو "متضاربة" إلى حد بعيد!.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق