في تصعيد بمسار الحرب جنوباً، استهدف الجيش الإسرائيلي محيط "نبع الطاسة" في إقليم التفاح بالجنوب، معلناً أن المكان المستهدف عبارة عن تجهيزات وبنى تحتية لـ"حزب الله"، ولكن نتيجة الصواريخ كانت تضرر مشروع المياه الذي يروي ما يزيد عن 25 قرية.

لم تصبّ الغارات مشروع المياه بشكل مباشر، تقول مصادر مسؤولة في مؤسسة مياه لبنان الجنوبي، ولكن الصواريخ التي سقطت بالقرب منه أدّت الى تضرر المنشآت، وبحسب المصادر فإن الأضرار طالت غرف المحوّلات والكهرباء وغرف المضخات، والخزان وبعض خطوط الضخ.

تكشف المصادر عبر "النشرة" أن الأضرار ستؤدّي الى نقص بالتغذية بالمياه لعدد من القرى، بانتظار الكشف الكامل عن الأضرار وتقييمها واصلاحها، وهذه عملية ستحتاج الى الوقت والمال، مشيرة الى أن مدير عام المؤسسة باشر اتصالاته مع المعنيين لمحاولة تأمين التمويل.

هناك قرى تتغذى من نبع الطاسة عن طريق مضخات المياه، وهذه القرى ستتأثر أكثر من غيرها بالنقص المتوقع، ولكن هناك قرى تصل الماء اليها عن طريق الجاذبية، وتكشف المصادر أن هذه القرى لن تتأثر بشكل كامل، ولكن المشكلة ستكون بنوعية المياه، حيث هناك خشية من أن تكون قد تلوثت جراء سقوط الصواريخ.

في هذا السياق اتخذت المؤسسة إجراءات احترازية، خاصة بعد انتشار رائحة كريهة قوية في المحيط المستهدف، وللمحافظة على صحة المواطنين وكتدبير احتياطي، نصحت المؤسسة الجميع باستخدام المياه على "الخدمة" وتجنب شربها أو الطهو إلى حين الانتهاء من اجراء الفحوصات المخبرية الضرورية.

يذكر أن مؤسسة مياه لبنان الجنوبي وبالشراكة مع اليونيسيف وبتمويل من البنك الألماني للتنمية KFW، كانت قد أنجزت مشروع تطوير وتأهيل منشآت نبع الطاسة ومشروع الفائض الشتوي، العام الماضي، والذي تم فيه تأهيل كافة منشآت وتجهيزات المشروع، وشملت الأشغال فيه: تأهيل حصر المياه في نبع الطاسة و خطوط الجر، إنشاء قناة مياه بجوار غرفة الحصر الموجودة لتلقّي فائض المياه ونقلها، إنشاء غرفة حصر جديدة في نهاية القناة لتجميع الفائض الشتوي المنقول عبر القناة، إنشاء خط جر من غرفة الحصر الجديدة إلى الخزان الإقليمي في حومين الفوقا، تأهيل الآبار ومحطة الضخ الموجودة كما تأهيل غرف الكهرباء، الكلور والصمّامات.

من المفيد الإشارة، بحسب مصادر المؤسسة إلى أنه ومنذ تشغيل المشروع بعد افتتاحه مباشرة، وفّر لمنطقة إقليم التفاح وللقرى المستفيدة حوالي مليون و100 ألف متر مكعب من المياه[i]، وهذه الكمية من المياه تعتبر إشارة مبشرة للنجاح المعوّل عليه وللاستفادة من الاستثمار في المشروع، إذ تبلغ عوائد هذه الكمية ما يقارب 550 ألف دولار، أيّ أنه من المتوقع أن يتم استعادة كلفة الاستثمار خلال أقل من 4 سنوات.

وقد أثبتت هذه النتائج المحقّقة خلال الفترة الممتدة ما بين شهر 11–2023 وبداية شهر 5–2024، وكما سبق وأشارت المؤسسة بناءً على الدراسات الموضوعة، أن الاستفادة من فائض المياه ومياه النبع المحصورة، تمتد لأكثر من 6 أشهر.

بعد استهداف العدو الاسرائيلي لكثير من محطات المياه والآبار وحقول الطاقة الشمسية في الجنوب، وقع الضرر اليوم على مشروع نبع الطاسة الذي جنّب القرى المستفيدة منه أزمة حقيقية في فصلي الشتاء والربيع، كان يمكن أن تصل الى حد انقطاع المياه عنها أو الاضطرار الى اللجوء لتشغيل مولدات الكهرباء ودفع اكلاف إضافية باهظة ثمناً للمحروقات، وأكلاف الصيانة والتشغيل العالية.

[i] وثقت مؤسسة مياه لبنان الجنوبي بواسطة الأجهزة والمعدات الحديثة التي تم تركيبها في اطار المشروع، أنه قد تم ضخ ما كميته مليون و100 ألف متر مكعب من المياه بواسطة نظام القياس والمراقبة المثبت، والموصول بأجهزة وبرامج متطورة تراقب "حصرة النبع" لضمان الجودة والسلامة من جهة ولتوثيق المعدلات والمؤشرات التي تحتاجها المؤسسة في دراساتها وبرامجها المرتبطة بمشاريع المياه.